ان أردت أن تطلب يسوع فلتترك الأحواض المكسورة، لأن المسيح اعتاد أن يجلس ليس بجوار بركة بل بجوار بئر.
هناك وجدته المرأة السامرية، هذه التي آمنت، وأرادت أن تسحب ماءً. وإن كان يجب أن تأتي في ساعة مبكرة صباحًا، مع ذلك فإن أتت في الساعة السادسة تجد يسوع متعبًا من رحلته.
إنه متعب بسببك، إذ طال وقت بحثه عنك. عدم إيمانك جعله متعبًا. ومع هذا فإنك إن أتيت لا يعترض قط.
إنه يسأل أن يشرب ذاك الذي في طريقه أن يعطي. لكنه يشرب لا من ماء جدول يفيض، بل يشرب خلاصك. إنه يشرب من تصرفاتك الصالحة، يشرب الكأس أي الآلام التي يكفر بها عن خطاياك، حتى إذ تشرب من دمه المقدس تروي عطش هذا العالم.
هكذا تمتع إبراهيم باللَّه بعد أن حفر بئرًا (تك 30:21). واسحق تقبّل زوجته وهو سائر بجوار البئر (تك 62:24)، التي كانت قادمة إليه كرمزٍ للكنيسة... رفقة وجدت من يبحث عنها عند البئر، والزانيات اغتسلن من الدم في مياه البركة (1 مل 36:22).
القديس أمبروسيوس
جاءت لتستقي ماءً، وعندما استنارت وعرفت الينبوع الحقيقي للتو احتقرت الينبوع المادي. وهي في هذه الواقعة البسيطة تعلمنا أن نتجاوز عن أمور الحياة المادية عندما نصغي للروحيات... دون أن يوجه لها أحد أمرًا تركت جرتها، وعلى جناحي الفرح والبهجة أسرعت وصنعت ما فعله الإنجيليون، ولم تدعُ واحدًا أو اثنين، كما فعل أندراوس وفيلبس، إنما دعت مدينة بأكملها، وأتت بهم إلى الرب يسوع.
آمنت المرأة السامرية على الفور، وبذلك اتضح أنها أكثر حكمة من نيقوديموس، بل وأكثر شجاعة وثباتًا. لأن نيقوديموس بعد أن سمع قدر ما سمعت المرأة آلاف المرات لم يذهب ويدعو آخرين لسماع هذه الكلمات، ولا تحدث بصراحة على الملأ. لكن هذه المرأة فعلت ما لم يفعله الرسل، إذ قامت بالكرازة للجميع تدعوهم إلى المسيح. بذلك قادت مدينة بأكملها إلى الإيمان بيسوع المسيح.
القديس يوحنا الذهبي الفم